أنا وحدة باردة وزوجي حار

أنا بطيئة... مو في التفكير، لا، بس في التفاعل، في الاستيعاب، في ردة الفعل. ما أقدر أتصنّع حماس مو موجود، ولا أتصرف بسرعة على كيف غيري. والبرود اللي فيّ مو عناد، ولا تجاهل، هو طبع… يمكن من كثر ما تربّيت في بيئة هادية، كل شي فيها ساكن، صارت مشاعري تتكلم بصوت واطي، صوت يمكن محد يسمعه غيري.

تزوجت وعمري ١٥، صغيرة، ما كنت أعرف وش يعني بيت، ولا زوج، ولا مسؤولية. دخلت على حياة جديدة، وأنا توّي طالعة من حضن أبوي الله يرحمه، اللي كان شايلني بعيونه، ما يرضى علي شي، حتى الكفتيرة ما يخليني ألمسها، يقول: "البيت فيه جن". ويمكن صدق، يمكن مجرد خوف، بس كنت أحب اهتمامه. كنت مدلّلة بطريقة يمكن ما كانت صح، بس كانت صادقة. حتى وهو على فراش الموت، كان يسأل عني أنا، مو عن إخواني: "كيف فلانة؟ وش أنجبت؟" كأني كنت آخر حب في قلبه.

زوجي لاحظ هالشي من أول، رغم إني ما تكلمت، ما حكيت له عن دلال أبوي، بس يمكن شافه في تصرفاتي، في طريقتي، في ردات فعلي. وبدى يضايقه. نشأ في بيت المرأة فيه تسوي كل شي: تطبخ، وتكنس، وتذبح، وتخيط ملابسها بيدها، وما تطلب شي. ما تقول "أبي"، ما تعترض، ما تسهر، ما تسافر، بس تعطي وتعطي وتعطي.

وأنا؟ نشأت على العكس تمامًا. كل شي يوصلني وأنا قاعدة. ما حملت هم شي، ما تعوّدت أطلب، ولا أسوي، ولا حتى أفكر بالمسؤوليات الكبيرة. فجأة، لازم أكون "نُسخة معدلة" من زوجته المثالية: أمه، زوجة أبوه، بنات عمه وخاله، اللي كلهم كبار، وتربوا على قساوة الحياة. وأنا صغيرة، وحياتي كانت ألين من كذا بكثير.

صرنا نتصادم على أشياء تافهة. يوم من الأيام تخاصمنا عشان "حلاوة العيد"! قلت له: "أبي أروح معك نشتريها"، قال: "لا، أمي ما تروح مع أبوي، وأبوي يجيب كل شي بروحه، وأمي عمرها ما اعترضت". حسّيت إني محبوسة داخل مقارنة دايمًا أخسر فيها.

زوجي حار، يعني عكس برودي، يبيني سريعة، نشيطة، ما أطلب، وما أتكلم، وما أزعل. وإذا طلبت شي، زعل. أمس طلبت منه ملابس شتوية لي، تضايق، بس لما قلت نشتري لابنته، قال: "يلا نروح الحين!"… ليه؟ ليه أنا دايمًا طلبي ثقيل؟

ومع كل هذا، ما أقدر أقول إنه سيء، لا والله، فيه جوانب طيبة كثيرة، وأحسن من كثير. بس المشاكل الصغيرة، اللي يمكن الناس تضحك عليها، إحنا نغرق فيها. كل واحد فينا حاسس إنه غريب في عالم الثاني. هو ما يفهم برودي، وأنا ما أستوعب حرارته. هو يشوف فيني دلع زايد، وأنا أشوف فيه قسوة.

نفسي أفهم، هل أنا غلطانة إني كذا؟ هل أقدر أتغير؟
ولا المشكلة إننا من عالمين ما ينفهمون؟

نفسيتي صارت تحت الصفر، واللي حولي ما يدرون، ولا حتى سائلين، حتى أمي تشتكي مني… وأنا؟ ما بقي فيني طاقة أشرح، ولا صوت أصرخ فيه "أنا تعبانة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق