زوجي كل شي يقول لا، كأن الكلمة محفورة على لسانه
والله ما أدري من وين أبدأ، بس أحسني متروسة، وأبي أفضفض، يمكن ألقى وحدة تحس فيني.
أنا مو متزوجة رجل، أنا متزوجة كلمة "لا".
يعني من أول زواجنا، من أول أسبوع، حتى من أيام الملكة، وأنا أواجه هالكلمة، "لا" بكل أشكالها، بصوت عالي، بصوت هادي، بجملة مفاجئة، أو بجفاف ساكت.
أطلب شي بسيط؟ لا.
أقترح نغير جو؟ لا.
أقول له نروح مكان؟ لا.
أقول له تعال شوف شي عاجبني؟ لا.
حتى لما أطلب جلسة نكلم فيها بهدوء، يرد: "لا لي خلق، بعدين."
مرة قلت له: "ودي أقص شعري قصة جديدة"، رد علي بكل برود: "لا، ما أحب القصير."
طيب؟ شعري شعري أنا، ما قلت لك تقصه معاي.
مرة ثانية قلت له: "خلنا نشتري طاولة سفرة أكبر، عندنا ضيوف دايم"، قال: "لا، هذي تكفي، ولا نكبّر شي ما نحتاجه."
طيب؟ حنا نضيق، نتحرج مع الضيوف، وأقوله "لازم نرتب وضعنا"، ويقول "لا تكبرين الموضوع".
حتى لما أقول له: "تعال سافرنا، حتى لو مشوار بسيط، لو نطلع بر الجسر، نتنفس"، يقول لي: "لا، الدنيا زحمة، والجو ما يساعد."
دايم فيه عذر، دايم فيه تهرّب، وكل مرة يحط خط أحمر على أي طلب يطلع مني، كأني طول الوقت أبالغ أو أطلب المستحيل.
مرة قلت له: "ودي أشتغل، أحس وقتي يضيع وأنا أقدر أفيد نفسي وأساعدك"، قال: "لا، ما يحتاج شغلك، اجلسي بالبيت واهتمي في بيتك."
قلت له: "ما أطلب ترف، أبي أثبت ذاتي، أبي أحس بقيمتي"، قال: "قيمتك عندي، خلاص."
طيب؟ طيب بعدين؟
كل يوم أصحى وأنا على أمل، يمكن اليوم يسمع لي، يمكن يقول "يلا"، يمكن يوافق، بس يجي اليوم بكامل ثقله ويحط لي نفس الكلمة: "لا."
حتى نفسيتي ما عاد فيها طاقة أطلب، صرت أردد بيني وبين نفسي: لا تطلبين، لا تسألين، لأنه بالنهاية نفس الكلمة بتتقال، ونفس الإحباط بينزل على صدري.
أحس حياتي معه كلها انغلاق، محددها بأسلاك شائكة من الرفض، وكأني عايشة مع شخص هدفه الوحيد يقول "لا"، ويقفل كل الأبواب.
والمشكلة؟ إنه ما يشوف نفسه غلطان.
إذا كلمته وقال لي "ليه ما توافق أبد؟"، يقول: "أنا واقعي، ما أوافق إلا على الشي الصح، مو كل شي تبينه يصير."
طيب؟ مين قال أبي كل شي يصير؟ أنا أبي أعيش، بس كأني أعيش مع لجنة رفض، مو زوج.
صرت أحس إن الحياة قاعدة تفوتني، والأيام تتكرر، وأنا نفسي أصير "إيه"، حتى لو مره وحده.
حتى على مستوى العلاقة بيننا، حميميتنا، كلامنا، تواصلنا، كله ناشف.
وإذا تكلمت، قال: "لا تكبرين الموضوع، انتي بس تحسين كذا."
صرت أشك بنفسي، مع أني أدري إني ما أطلب كثير، بس هو كل شي عنده كثير، كل شي عنده مرفوض.
أنا ما أطلب فلوس، ولا دلع زايد، أنا بس أبي زوج يشاركني، ما يكون "لا" على مدار الساعة.
أبي شريك، مو رافض رسمي لكل نفس أتنفسه.
أبي رجل يسمع، يناقش، يفكر، مو يسكر الملف بكلمة واحدة.
تعبت من الإحباط، تعبت من التبرير، تعبت من إني أكرر نفسي كل مره، وأواجه نفس الجدار.
صرت أكره أطلب، أكره أقول، صرت حتى أعدّ المرات اللي قال فيها "إيه"، عشان أذكر نفسي إنه مو دايم يقول "لا".
بس للأسف، الإيّه نادرة... والنادر ما يداوي القلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق