عتاب نسيان عيد الميلاد، حبيبي لم يتذكر عيد ميلادي، الزوج الذي لا يهدي زوجته، كيف اخلي زوجي يفاجئني.
قصتي: يوم زوجي تجاهل عيد ميلادي !!!!
أنا ما أبالغ إذا قلت إن يوم ميلادي كان دايم بالنسبة لي يوم مميز، مو لأني أحب الهدايا أو أبحث عن الدلع، بس لأنه اليوم الوحيد اللي أحس فيه إني أنتظر "شيء"، وأغلب الظن... إني كنت أنتظر منه هو.
من أول سنة تزوجنا، وهو يحتفل معاي بطريقته الخاصة... مرة فاجأني بكيكة صغيرة وجلس يضحك وهو يغني لي بصوته النشاز، ومرة أخذني مشوار بسيط وقال لي: "ما أبي أحد يسبقني اليوم، أبي أكون أول شخص يفرّحك." لحظات بسيطة، لكنها تعني لي الدنيا.
لكن هالسنة؟ مرت وكأني مو موجودة. ما قال شيء، ما لمح، ما ابتسم، ما مد لي وردة ذابلة حتى. صحيت الصبح وأنا أحاول أكون طبيعية، قلت يمكن هو ناوي لي شيء، يمكن ناسي ومحرج، يمكن ينتظر الليل، بس ما صار شي. مر الصباح... مر الظهر... حتى الليل جا، وجلسنا نتفرج على التلفزيون، وهو يتابع وكأن اليوم 5 مارس مو يوم ميلادي.
كنت جنبه، وهو ماسك الجوال، يضحك على مقطع أرسله له زميله، وأنا يدي على بطني، وقلبي على لساني. ما قلت له شي، ما عاتبته، بس سكت... سكتة الوحدة والخذلان.
قلت له بهدوء:
— "تدري وش اليوم؟"
رد بدون ما يطالع فيني:
— "وش فيه اليوم؟"
قلت:
— "ولا شي... شكلي أنا الغلطانة."
وبس... قمت من عنده.
دخلت الغرفة وجلست أطالع في مرايتي. ليه أنا حزينة؟ ليه هالموقف خلاني أحس إني ما أستاهل حتى ذكرى؟ أنا مو إنسانة تعلّق عمرها على تواريخ، بس أحس إن النسيان لما يصير من أقرب الناس لك، مؤلم بشكل ما ينقال.
والغريب؟ إنه مو أول مرة ينسى. آخر مرة نسي عيد زواجنا، ومرة نسي يوم ترقيتي في العمل، ومرات كثيرة أنسى أنا مناسباته بعد، لأني مليت أكون الوحيدة اللي تتذكر وتفرح وتجهز وتبادر. صار كأني أعيش العلاقة لحالي، أطارد اللحظات الجميلة وهو يمرّ عليها كأنها روتين.
هو ما هو سيئ، ولا يقصد يجرح، بس إحساس الإهمال هذا يخليني كل يوم أذبل شوي، أضعف، أطيح من داخلي، وأنا أقول: "وش بقى من العلاقة إذا حتى المناسبات صارت تمر بدون لا نوقف ونقول لبعض: أنا لازلت أفرح فيك؟"
هل الرجال يشوفون التفاصيل هذي تافهة؟ طيب ليه كنا نهتم فيها أول؟ هل الزواج فعلاً يقتل المشاعر؟ ولا التعب، ولا المشاغل، ولا الملل... ولا أنا ما عدت أفرق معاه مثل أول؟
كان أول... يشوف فيني الدنيا
أتذكّر أول سنة زواج، كنا تونا نبدأ حياة جديدة، ما كان عندنا لا بيت فخم، ولا راتب بالكاد يكفينا، لكن كنا نضحك كثير، نحضن بعض بدون سبب، ونفرح بأبسط الأشياء.
مرّة في أول شهر زواج، كنت مريضة شوي وتعبانة، ما قدرت أطبخ ولا أتحرك من الصداع. تدرين وش سوا؟ طبخ لي مكرونة، وكانت محترقة، بس قال لي وهو يضحك: "إذا أكلتيها كلها وتحملتي الطعم، راح أعزمك على مطعم الأسبوع الجاي." وجلست أضحك وأنا آكلها وأنا مغمضة، مو علشان الأكل، علشان الشعور، علشان اهتمامه.
وفي أول عيد ميلاد لي بعد الزواج، كتب لي رسالة بخط يده... ورقة صغيرة جدًا، بس كل كلمة فيها كانت تحضن قلبي. كتب لي: "أنت هديتي اللي ما كنت أتوقعها، بس ربي عطاني إياها." وبعدها أخذني مشوار بسيط، وقعدنا على كورنيش البحر، وهو ماسك يدي كأنها أغلى شيء يملكه.
ذاك الرجل... وينه؟
ذاك اليوم... وين راح؟
الحين صرت إذا مرضت، يقولي: "خذي لك بانادول ونامي."
وإذا زعلت، يقولي: "وش تبين أسوي؟ ما كل شيء له حل."
وإذا جا يوم مثل عيد ميلادي، يمر عليه كأنه ورقة تقويم انقطعت... ما لها قيمة.
المشكلة مو بس في نسيان المناسبات، المشكلة في نسيان المشاعر اللي كانت تسكن بينا. في نسيان كيف كنا نخاف على بعض، كيف كنا نشتاق حتى وإحنا تحت سقف واحد. هو نسى، وأنا ما قدرت أنسى.
كل مرة أفتّش في ذاكرتي عن ذاك الإنسان، ألقى مواقف كثيرة تقول لي إنه كان يحب، وكان يفرح، وكان يعيش اللحظة معاي. بس الحين؟ عيونه علي، بس قلبه بعيد.
لحظة امرأة تعبت من الصمت
دخلت عليه وهو جالس على الكنبة، يتفرج على جواله كعادته، والبيت ساكت، وأنا ساكتة من يوم الصبح. مشيت بخطوات ثقيلة وجلست جنبه، بدون مقدمات، بدون لفّ ودوران، قلت له:
— "تبيني أقول لك شي؟"
رفع عينه من الجوال، وقال وهو يطالعني بنص انتباه:
— "هاه؟ وش فيك؟"
قلت له بهدوء، بنبرة ما فيها لا عتاب ولا صراخ، بس فيها كل وجعي:
— "تعرف وش أكثر شي وجعني اليوم؟ مو إنك نسيت عيد ميلادي... الوجع الحقيقي إني ما استغربت إنك نسيته. صار شي طبيعي إنك تنسى، وتطنّش، وتكمل يومك كأنك ما نسيت شي. وأنا؟ أنا أرجع الغرفة وأحاول أقنع نفسي إني قوية، وإني ما كنت أنتظر شي أصلاً."
سكت... ما رد.
كملت، وقلبي يضرب:
— "تتذكر أول سنة زواجنا؟ تتذكر لما كتبت لي ورقة صغيرة وقلت إني هديتك من السماء؟ تتذكر كيف كنت تجهز لي مكرونة محروقة وتضحكني بس علشان ما أحس إني لحالي؟"
رفعت عيني له وقلت:
— "وينك؟ وين ذا الشخص؟ ليه راح؟ وليه أنا الوحيدة اللي قاعدة أفتّش عنه فيك كل يوم؟"
كان ساكت، يتنفس ببطء، مو عارف وش يقول. مو لأنه ما يحس، يمكن لأنه نسي كيف يحس.
قلت له أخيرًا:
— "أنا ما أبي حفلات، ولا هدايا، ولا ورود. كل اللي أبيه منك... اهتمام، لحظة تقول لي فيها: ترى ما نسيتك، ترى ما زلت تهمّني. أنا مو روبوت تنظف وتطبخ وتبتسم. أنا إنسانة، وأنا زوجتك. ولو أنت نسيتني، ترى أنا نفسي بدأت أنسى كيف كنت أفرح فيك."
وقمت.
ما انتظرت رد، ما كنت أبي تبرير، ولا وعد. كنت أبيه بس يفهم، يحس، يصحى.
طلعت من الغرفة وقلبي ثقيل، ما كنت أبي أكثر من كلمة منه... "آسف"، "نسيت"، "كنت مشغول"، أي شيء، بس هو ظل ساكت، مثل تمثال.
جلست في الصالة، أحاول أبلع الغصة اللي وقفت بحلقي، وكل دقيقة تمر كأنها ساعة. ما سمعت خطوته، ولا حتى صوت تنفسه. دخل الغرفة الثانية، وسكّر الباب بهدوء... وراح.
هرب.
ما واجه، ما حاول حتى يوقفني ويقول لي لا تروحين، لا تزعلين، لا تخليني كذا. سحب نفسه كأنه يهرب من المسؤولية، كأنه يشوف كل اللي قلته "دراما نسوان". وأنا؟ جلست أواجه صمته بروحي.
مو أول مرة يسويها.
كل ما صار موقف يحوجنا نقرب من بعض، يسحب، يتهرب، يختفي، يدفن روحه في جواله أو شغله أو حتى النوم، بس لا يواجه. وأنا طول الوقت أتعب من المحاولة، أحاول أفهمه، أفتح معه مواضيع، أخلق لحظات، أداوي الشروخ، بس لما يكون الطرف الثاني نايم أو ميت من جوه... تتعب، وتنطفي، وتبكي بلا صوت.
صرت أفكر... هل أنا الوحيدة اللي تعيش هالعلاقة؟ هل هو يحبني بس بطريقته الباردة؟ ولا أنا صرت "موجودة" بس كعادة؟ مثل قطعة أثاث قديمة؟
صرت أخاف من سكوته أكثر من أي كلمة جارحة. لأن الكلمة على الأقل توجعك لحظتها، بس السكوت... يخليك تتألمين على البارد، يوم ورا يوم، لين ينكسر فيك شي ما يرجع أبد.
وهو الحين، نايم في غرفة ثانية، وأنا قاعدة أكتب مشاعري في ملاحظات جوالي، أدوّن أشياء ما راح يقرأها، ولا بيهتم يعرفها، ولا حتى بيحاول يفهمها.
هل العلاقة تنتهي بالصراخ؟ لا والله... تنتهي لما يصير الطرف الثاني يهرب بدل ما يواجه. لما تصير أنت الوحيد اللي "يتكلم"... واللي قدامك، يختار الصمت، كأنه يقول: "انسي."
"أنا أبالغ؟ ولا فعلاً في شي مو طبيعي؟"
قاعدة أكتب لكم هالكلام وأنا والله مدري... هل أنا كبرت الموضوع؟ هل أنا فعلاً حساسة وأعطي الأمور أكبر من حجمها؟ يمكن هو فعلاً نسي بدون قصد؟ يمكن الرجال فعلاً ما يهتمون بالمناسبات مثلنا؟
بس يا ناس، وش أسوي بالشعور؟
لما يمر يومك المميز كأنك ما كنت موجودة، ولما تحاول تصارح شخصك الأقرب، ويقابلك بصمت وظهره، مو هذا يُتعب؟
أنا ما طلبت شي كبير، بس كنت أبي أحس إنه لازال يحبني، لازال يتذكرني، لازال يشوفني.
أنا الحين صرت أخاف...
هل هذا هو "الملل" اللي يقولون عنه؟
هل كل علاقة بعد كم سنة توصل لهالمرحلة؟ تجاهل، صمت، كل واحد في جزيرته؟
وين الحب؟ وين اللهفة؟ وين الحرص؟
ليش أحس إني صرت ضيفة في حياة زوجي، مو شريكة؟
ساعدوني، قولوا لي وش أسوي...
هل أتكلم معه مرة ثانية؟ ولا خلاص؟
هل اللي أنا أمر فيه طبيعي؟ ولا أنا بالفعل أعيش نهاية هادئة، بس مؤلمة، لعلاقة كنت أحسبها عمر؟
أنا ما أبي أحد يحن علي، أنا بس أبي أفهم... هل اللي في قلبي حقيقي؟ ولا أنا بس تعبت وصار أي شي يوترني؟
أحتاج رأيكم... لأن تعبت أحكي لنفسي، وتعبت أقول: "يمكن بكرا يتغيّر."